أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، السيد يونس السكوري، اليوم الاثنين بالقاهرة، أن التجربة المغربية في مجال الحوار الاجتماعي مستلهمة من التوجيهات والاختيارات الكبرى التي أرسى قواعدها جلالة الملك محمد السادس نصره الله لترسيخ قواعد الديمقراطية التشاركية.
وأوضح السيد الوزير، خلال الجلسة الاولى لأشغال الدورة ال 49 لمؤتمر العمل العربي الذي يعرف مشاركة وزراء ورؤساء وأعضاء الوفود من منظمات أصحاب العمل والاتحادات العمالية من 21 دولة عربية، وممثلي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وممثلي المنظمات العربية والدولية وعدد من السفراء والشخصيات البارزة، أن تلك الديمقراطية التشاركية ترتكز على منهجية قوامها الحوار المستند على إشراك كافة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في إعداد مبادئ ومضمون الاتفاقات ذات الطابع الاجتماعي.
وأضاف أن هذه التجربة تستمد من النهج الذي سلكته المملكة والقاضي بإرساء دولة الحق والقانون واحترام الحقوق والحريات في شتى المجالات تجسيدا للالتزامات الدولية التي انخرط فيها المغرب، والتي تهدف إلى تحقيق الشغل المنتج، والسلم الاجتماعي، وإلى ضمان الحقوق الأساسية للأجراء، في إطار تشاور واسع مع كافة الشركاء الاجتماعيين بهدف معالجة الانشغالات الكبرى للشغيلة المغربية من خلال نهج أسلوب الحوار الاجتماعي.
وتابع الوزير أنه اعترافا بالدور التاريخي الذي لعبته ولازالت تلعبه النقابات المهنية المغربية بمختلف مكوناتها فقد أكد دستور المملكة أهمية المؤسسة النقابية صلاحياتها واختصاصاتها كجزء أساسي من المنظومة الديمقراطية للمغرب، كما أقر تمثيلية ممثلي الأجراء في الغرفة الثانية حيث يجري انتخابهم من طرف مندوبي االأجراء بالقطاعين العام والخاص.
كما أن مختلف التشريعات الوطنية، يبرز الوزير، استلهمت مقتضياتها ومضامينها من روح الدستور وتوجيهاته، مشيرا في هذا الصدد الى أن مدونة الشغل التي دخلت حيز التنفيذ في 8 يونيو 2004 أقرت مجموعة من الآليات الثلاثية التركيب لتعزيز ثقافة الحوار الثلاثي على المستوى الوطني بالنسبة للقطاع الخاص، وكلها مجالس تحرص الحكومة على عقدها وضبط أجندتها لما لها من أدوار مهمة في رسم التوجهات الكبرى ووضع برامج العمل
وأكد أن القوانين المنظمة لمجموعة من المؤسسات العمومية ذات العلاقة بعالم الشغل، تضمنت منذ تأسيسها التركيبة الثلاثية لمجالسها الإدارية، ويتعلق الأمر بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والوكالة الوطنية للتأمين الصحي وبذلك فإن كل القرارات التي تتخذ لتدبير التغطية الصحية والضمان الاجتماعي وكذا التوجيهات المعتمدة في قطاع التكوين المهني كلها قرارات ثلاثية تتخذ وفق منهجية التشاور والحوار والتوافق.
وأضاف أنه لتعزيز هذه التجربة، واقتناعا من الحكومة باعتبار المقاربة التشاركية هي المدخل الأساس لتنزيل سياستها الاجتماعية بشكل أمثل، وبفضل الإرادة الصادقة للشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين “فقد خطونا بالحوار الاجتماعي في بلادنا خطوة نوعية كبرى تجلت في مأسسة الحوار الاجتماعي، عبر التوقيع ولأول مرة على الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا والاتحاد العام لمقاولات المغرب
وسجل السيد السكوري، في هذا الاطار، أن ذلك يعد مكسبا مهيكلا على درجة كبيرة من الأهمية، يتوخى تحديد دورية الحوار الاجتماعي واستدامته وانتظاميته وتتبع تنفيذ الالتزامات المتبادلة المتضمنة في الاتفاقات المبرمة وإحداث آليات مواكبة كالمرصد الوطني للحوار الاجتماعي وأكاديمية الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي وإقرار اعتماد مفهوم السنة الاجتماعية.
ويستعرض جدول أعمال المؤتمر عددا من البنود التي تقدم تقارير عن نشاطات وإنجازات المنظمة منها تقرير المدير العام للمنظمة، ومجلس إداراتها واللجان النظامية المعنية بالحريات النقابية والخبراء القانونيين وشؤون عمل المرأة العربية.
كما تشهد جلسات المؤتمر تشكيل الهيئات الدستورية والنظامية حيث يتعين انتخابهم من قبل أعضاء المؤتمر وهي: مجلس إدارة منظمة العمل العربية، وهيئة الرقابة المالية والإدارية لمنظمة العمل العربية، ولجنة الحريات النقابية بمكتب العمل العربي، ولجنة شؤون عمل المرأة العربية وذلك خلال الفترة (2023 -2025 ).
ويناقش تقرير المدير العام “الحوار الاجتماعي بين تحديات الحاضر وآفاق المستقبل” المدرج على جدول أعمال الدورة ال49 لمؤتمر العمل العربي سبل تعزيز آليات النهوض بالحوار الاجتماعي على المستويين الوطني و الاقليمي كخيار استراتيجي أمثل لتعزيز مقدرة الاقتصادات والمجتمعات على الصمود إزاء تلك الازمات واحتواء تداعياتها، والتكيف مع التحولات وتطويعها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة
ويتضمن التقرير أربعة أقسام رئيسية تتناول الحوار الاجتماعي كخيار استراتيجي في مواجهة الازمات وتناقش تطوير مضامين الحوار الاجتماعي في مواجهة التحديات التنموية، واستعراض آليات النهوض بالحوار الاجتماعي ليطرح قسمه الرابع عقد اجتماعي جديد وشامل نحول مستقبل آمن وعادل ومستدام.